5- التدبر والتلاوة –6- الفرق بين التدبر والتفسير

 

ولتتبين أهمية تلاوة القرآن حق التلاوة , تأمل قول ابن القيم في مفتاح دار السعادة بعد أن ذكر بعض الآيات , ثم قال : فحقيقة التلاوة في التلاوة في هذه المواضع هي التلاوة المطلقة التامة , وهي تلاوة اللفظ والمعنى , فتلاوة اللفظ جزء من مسمى التلاوة المطلقة , وحقيقة اللفظ إنما هي الاتباع , يقال : اتل أثر فلان , وتلوت أثره و قفوته وقصصته بمعنى : تبعت خله… وهذه التلاوة وسيلة وطريقة , والمقصود التلاوة الحقيقة , وهي تلاوة المعنى و اتباعه تصديقاً بخبره , وائتماراً بأمره , وانتهاء بنهيه , وائتما ماً به , حيثما قادك انقدت معه , فتلاوة القرآن تتناول تلاوة لفظه ومعناه , وتلاوة المعنى أشرف من مجرد تلاوة اللفظ , وأهلها هم أهل القرآن الذين لهم الثناء في الدنيا والآخرة فإنهم أهل تلاوة ومتابعة حقاً.
………………….

هناك من يفهم التدبر للقرآن الكريم على أنه تفسير له فحسب , بينما التدبر هو ثمرة فهم القرآن وتفسيره , والذي ينبغي على أهل التدبر والتأمل في كلام الله  أن يستعينوا بأقوال أهل العلم في تفسير كتاب ليكون تدبرهم وفهمهم متسقاً تماماً مع مراد الله من كلامه ..

فأما التفسير والتأويل فهو من اختصاص أهل العلم , قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فإما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام … فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف مالا علم له به , وسلك غير ما أمر به , فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ ,لأنه لم يأت الأمر من بابه , كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار , وإن وافق حكمه  الصواب في نفس الأمر , لكن أخف جرماً ممن أخطأ , والله أعلم .

أما التدبر , فيقول الله تبارك وتعالى عنه في محكم كتابه : ( ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مذكر ) , أي : فهل من معتبر متعظ , يتذكر فعتبر بما فيه من العبر والذكر قال البقاعي : وهي إشارة إلى ارتفاع عذر من تعلق باستصعاب الأمور على زواجره وتنبيهاته ومواعظه ,ويدعي بعد ذلك استغلاقه , فقيل له : إنه ميسر قريب المرام , وهذا فيما يحصل عند التنبيه والتذكير لما عنده , بكون الاستجابة بإذن الله تعالى , ووراء ذلك من المشكل والمتشابه مالا يتوقف عليه ما ذكره , وحسب عموم المؤمنين الإيمان بجمعيه , والعمل بمحكمه , ثم يفتح الله تعالى فهم ذلك على من شرفه به وأعلى درجته .

….

 

أضف تعليق