من أسماء الله تبارك وتعالى : (القدُّوس) وقد جاء في القرآن الكريم في قوله سبحانه : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) (الحشر :23)
وفي قوله جل وعز : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (الجمعة :1).وكان النبي صل الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : ( سُبُّوح قُدُّوس ، ربُّ الملائكة والروح).فكان صل الله عليه وسلم يسبح ربه سبحانه وتعالى بأنواع من التسبيح ، وكان صل الله عليه وسلم إذا انتهى من صلاة الوتر قال :(سبحان الله الملك القدوس ،سبحان الله الملك القدوس ،سبحان الله الملك القدوس) ويرفع صوته بالثالثة .
معاني اسم الله : ( القدوس )
(القدوس) من أسماء الله الحسنى ، وهو مأخوذ من القُدْس ، أو القُدُسِيَّة ، أو القَداسة ، ومعناها : الطهارة .
فــ (القدوس) من معانيه : الطاهر من العيب ،المُنَزَّه عن النقص والولد والشريك والصاحبة ، المُنَزَّه عن كل وصف لا يليق بجلاله وكماله وعظمته ، وكل وصف ناقص لا يليق به عز وجل ، فهو مُنَزَّه عنه ، ولو كان هذا النقص كمالاً في حق المخلوقين ، فالنوم من صفة المخلوقين وهو في حقهم كمال ، استمر في القراءة
لنحيا بها~
لنحيا بها الله البصير
الله البصير
من أسمائه سبحانه وتعالى : (البصير ) ، وقد ذكر في القرآن الكريم في اثنين وأربعين موضعاً كما في قوله : (وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران :15) وقوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد: 4)
(البصير ) : الذي يبصر الأشياء كلها ويراها ، فهو بكل شيء بصير .
(بصير) بمعنى أنه عالم بالأحوال كلها ، فهو إذ يخلق أو يزرق ،أو يحيي أو يميت ، أو يهدي أو يضل ، أو ينصر أو يخذل ، فإن هذا وفق حكمة وبصر وعلم تام لا يغادر قليلاً ولا كثيراً.
إن العبد بمرأى ومسمع من الله عز وجل بكل حال ، كما قال سبحانه : (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (سورة يونس : 61)
فالله تعالى له العلم المحيط الشامل ، وهو السميع البصير .
فالله تعالى هو السميع البصير ، وفي هذا عزاء للمؤمنين ، وقد قال الله تعالى لنبيه صل الله عليه وسلم (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)
( سورة الشعراء : 218-219)
ففي نصبك وتعبك واجتهادك وعبادتك وذكرك لله تعالى فهو يراك .
فهذه الرؤية وهذا السمع يجعل المؤمن طيب البال ، مرتاح النفس ، هادئاً راضياً ، لأنه يعلم أن الله تعالى يسمعه ويراه ،وفي ذلك تصبير للداعين ، كما قال سبحانه لموسى وهارون حينما أمرهما بالذهاب إلى فرعون : (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ) (سورة طه :46)
فيقع لقلب المؤمن من جراء ذلك الرضا بالله تعالى والصبر واليقين ، كما قال في الآية الأخرى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ) (سورة الطور :آية48)
فيكون بذلك تثبيت و تصبير للمؤمنين ، وفي ذلك تهديد للكافرين والمجرمين ، والمتمادين في طغيانهم وعدوانهم ، كما قال عز وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ) (سورة فصلت : 40 )فقوله تعالى : (لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ ) أي : أن الله تعالى معهم بسمعه وعلمه وإحاطته ، ولا يخفى عليه شيء من أمرهم ، وسيجازيهم يوم القيامة بما كانوا يعلمون ، وفي ذلك أيضاً رقي بالعبادة ، ورقي بالعمل ،وإنجاز وإحسان إلى الخلق ،فإن الذي يعلم أن الله تعالى يراه سوف يكون محسناً في عبادة ربه ، محسناً إلى الخلق ، ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام الشهير المتفق عليه ، عندما سأله عن الإحسان : ( الإحسان أن تعبد كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) وهذا يقتضي الإحسان ، لأن العابد إذا علم أن الله تعالى يراه اجتهد في العبادة على أحسن ما يكون .
إن معرفة العبد بسمع الله تعالى وبصره يعصمه من الذنوب والمعاصي ، وإن العبد إذا أدرك رقابة الله تعالى عليه ، علم أنه لا مفر من الله إلا إليه .
و في قصيدة لابن القيم رحمه الله من قوله :
فأين يفر العبد منه بذنبه إذا كان تطوى في يديه المراحل
وهنا مقطع عن اسم الله البصير
لنحيا بها الله السميع
من أسماء ربنا سبحانه وتعالى : “السميع “ وقد ورد في الكتاب العزيز في خمسة وأربعين موضعاً ، قال سبحانه (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (سورة البقرة :127) وقال عز وجل : (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (سبأ:50)
وقال : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة :1) تقول عائشة رضي الله عنها : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ،لقد جاءت المجادلة إلى النبي صل الله عليه وسلم – وأنا في ناحية البيت – تشكو زوجها ،وما أسمع ما تقول ،فأنزل الله : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا).
(السميع ) : السامع للأصوات كلها ،سرها وعلانيتها ،كما قال سبحانه : (سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) (الرعد:10)
فالأصوات عند سبحانه كلها سواء ،والسر عنده علانية ،والنجوى إليه مفضية ، بل حديث الإنسان في نفسه ، فالله تبارك وتعالى مطلع عليه ، فكل الأشياء ظاهرة له عز وتعالى ، لأن خالقها ومبدعها والمتصرف في جزئياتها وتفاصيلها .
فهذا من معاني السميع الذي يسمع الأصوات كلها.
وأيضاً من معاني السميع :الذي يستجيب دعاء عباده إذا سألوه ، ودعوه ، وتضرعوا إليه ، فإنه سبحانه يسمع ويجيب .
فهو يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ولهذا كان النبي صل الله عليه وسلم يستعيذ بالله من دعاء لا يسمع ،أي : لا يستجاب له .
وسمعه سبحانه وتعالى نوعان :
النوع الأول : سمعه لجميع الأصوات الظاهرة و الباطنة ، الخفيّة والجلية ، وإحاطته التامة بها .
النوع الثاني : سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم ومنه قوله تعالى : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ )(سورة إبراهيم : 39)وقول المصلي(سمع الله لمن حمده ) أي استجاب .